كانت لدينا كذلك معادننا وإن أصبحت ناذرة أو منعدمة عندما طغى الخراء الذي دنس الحياة وإن كان هو السائد اليوم بالقوة على الرؤوس وفي كل الزوايا والأركان والشوارع والمحلات والمعابر والدوائر.. فلن يسميه الأحرار إلا بحقيقته..
ومن ثمارهم إليكم تعرفونهم..
_____________________________________
تذهب الأجيال وتترك وراءها إرثا للأجيال اللاحقة.. إما طريقا معبدا للحرية والديمقراطية وكرامة الشعوب أو جبالا ثقيلة من الذل والانحطاط ومزيدا من الصعاب على الأجيال اللاحقة تجاوزها..
يموت الإنسان مرة واحدة ولكن حياة في ظل الخوف والإرهاب تجعله مبتا في الحياة بلا معنى إلا من الالتهام وصناعة التخلف.. تلد النساء ذكورا وإناثا ولكن المواقف وحدها تلد رجالا ونساءا أحرارا..
وفي النهاية يغادر الجميع بقوة قوانين الطبيعة البيولوجية والفيزيائية والزمكانية، والمهم هنا هل ستغادرون كرجال ونساء أحرار؟
يقول المثل إن لم يكن على الموت بد فمت شامخا كالشجرة وهكذا فعل الكثيرون أيضا لدينا على هذا الموطن.
واليوم في زمن الضباب هذا والمخلفات المتكدسة من الوحل المتعفن الذي لا يستطيع أحد التقدم فيه والتحليق بحرية وفخر بالذات الفردية التي تستلهم طاقتها من الذات الجماعية للشعب.. في زمن الخلبطة هذا والمياه العكرة التي تسمم الأجواء وكل من تجرع منها وتعكر المنابع الصافية.. أستطيع أن أقول بكل فخر أنه كان لدينا رجال ونساء من أعلى الدرجات نفخر بهم.. ومازالت أقلية في السجون أو بعيدا في دروب الصمت والتواري كأنها هاجرت الواقع وغادرت الوطن ولكنها لم تغادر الحياة.. في هجرة زمانية يحكمها الصمت والمرارة أيضا...
الحياة تدافع وصراع في ظل العشوائية واللاقانون واللاعدالة، حيث غالبا ما تجد أعظم المعادن صفاء على هذه الرقعة من الأرض في مواجهة أخبث الخبائث عليها.. فتلتهم الواحدة الأخرى وتطغى عليها..
وإن المعادن الخالصة لناذرة جدا ومطلوبة لترصيص وشد اللبنات، بينما المعادن الخبيثة تصنع هفوات التاريخ والزيف والخراب الهدام الفتاكة بالروح والنفس والعقل والذكاء والجسم والساعد وانحطاط الأجيال...
حوار من الماضي: