مشكلة الكثير من البشر، أنهم يرون كومة الحطب التي تمر أمامهم، ولا يرون العجوز التي تحملها، يرون الحذاء ذي العلامة الرفيعة ولا يرون ماسح الأحذية، يرون مناجم الأرض من الذهب والفضة والفوسفاط ولا يرون سكانها من أحياء الهوامش والصفيح، يرون الحقول الشاسعة ولايرون الفلاح الصغير...
____________________________________________________________
هذه العبارات استلهمتها من مقالة الكاتب الإنجليزي جورج اوريل George Orwell عن مغرب 1939، وهذا الفيديو هو ترجمة "دارجة" تم صياغتها بترجمة متطورة من خلال إيصال مضمون وجوهر المشاعر والمعنى والإحساس في الرسالة، وهي لمقالة أدبية لكاتب انجليزي يعتبر واحدا من نجوم الأدب الإنجليزي في القرن العشرين.
المقالة كتبها سنة 1939 في زيارة سياحية استكشافية للمغرب، تتضمن نقدا لاذعا لنظرة الشمال للجنوب، وهو الوصف الذي يضم عبارات وصف بها المغرب العميق كما هو، ذلك المغرب العميق الذي لم يتغير كثيرا اتجاه الإنسان واعتبار الإنسانية وحقوق المواطنة، الحق في الحصول على فرص متكافئة، وعدم احتكار الثروة والاستلاء على الإمكانات وتحقيق التسهيلات والمرور بالزرابي الحمراء نحو المصالح الذاتية الشخصية المادية للأعيان الرجعية الإقطاعية المتوحشة، الاستمرار في عدم توفير حق االعيش الكريم والحق في الإنسانية والعمل من أجل توفير تنمية للساكنة على رأسها الأطفال والمرأة.
يظهر أن المغرب لم يتغير وضعه الإنساني بعد مرور 84 سنة.. مازال يعيش في نفس منوال اختلاس الثروة والتفقير واحتقار واستحمار الإنسان وكأنه مجرد أشياء لاقيمة لها (التشييء)، تستمر هذه النخب الإقطاعية من الأعيان المتوحشة المورثة عن مغرب الظلمات الطي رتعت ثقافة القيد والحكرة وجيوش المرتزقة التي قامت على اغتصاب البشر والأرض والإنسانية، فهم مازالوا ينظرون بنفس العقلية التشيئية إلى إنسان ذلك الأطلس والصحاري والوديان، ينظرون إلى الأرض وما تحت الأرض من ماجم وعلى الساحل وما في الساحل، دون النظر إلى ذلك الطفل وتلك العجوز وتلك المرأة في كفاحها من أجل لقمة عيش حقيرة من أجل البقاء فقط، البقاء على تلك الأرض المنهوبة على مر العصور والأجيال...
يضم هذا الفيديو بمعية الترجمة صورا من النصف الثاني من القرن 20 والقرن 21، صورة تلك المرأة العجوز حمّالة الحطب، وصور حمالات السلع على بوابة الذل وإهانة المرأة على أبوب سبتة، وتلك الطفلة بين الثلوج التي تبحث عن بقايا الباطاطس، وذلك الحذاء البلاستيكي الممزق من بقايا ضحايا التدافع من أجل الحصول على كيس الدقيق والسكر من تنظيم أحد عملاء الوهابية السعودية في المغرب.
المقالة مترجمة ومرفوقة بصور لمغرب ما بعد الاستقلال إلى يومنا هذا... مغرب القرن 21. إنه وصف ونظرة لهذا الإنسان المغربي في الهامش، الإنسان الذي يعيش ويموت ويحيا حقيرا كما قال كاتب المقالة...
نعم يحيا ويموت حقيرا لا شيء غير ذلك، بسبب سياسة نهم ونهب وحقارة النخب والأعيان المتوحشة المغربية.. التي لا علاقة لها بالدور الذي لعبته وظلت تلعبه نخب دول الشمال لصالح شعوبها.
الإستعمار في المغرب وجد وضعا ولم يغيره، استغله لصالحه وتعامل معه بميكيافيلية.. ترك نفس الظروف بل ورسخها أحيانا خدمة لأجندته الاستعمارية.
الإقطاعية المغربية والاستعمار يرون أشياءا لا نراها، والأعيان المتوحشة في هذا المغرب العميق ترى أشياءا لا نراها.. ولكننا نرى ما لا يرون.. نرى الإنسان، نرى تلك الطفلة البئيسة بحذائها البلاستيكي الممزق، نرى معاناتها نرى الإهانة التي تتعامل معنا كمجرد أشياء.. إننا نرى المستقبل ونحلم بغد أفضل للجميع.. نحلم بالعدالة وتطبيق القانون نحلم بمحاصرة الإجرام والعقليات الإقطاعية الهدامة المصاصة لدماء الإنسان والطفولة الضائعة نحلم بوضع حد لصناعة الهمجانية والتعامل مع الشعب كالقطيع.
المقال للكاتب الإنجليزي، هو أيضا نقد لاذع للعنصرية والأحكام المسبقة، عندما يقول: إننا ننظر لكومة الحطب ولا نرى العجوز التي تحملها... وهي ورفض لسلوكات وأفكار فوقية أنانية لا إنسانية تشييئية أبارتايدية تجرد الإنسان من إنسانيته وتسلب حقه في الوجود والإنسانية، أشياء تحدَّث عنها أورويل بأسلوب غاية في الذكاء ودقة الوصف بدون نفاق وضع الأشياء كما هي وضع النقاط على الحروف كي يقرأ العالم والإنسان أجيال المستقبل م دون بين السطور، وها نحن جيل اليون نتلقفها ونعيد مقارنتها وقراءتها وتحليلها.. حيث يقول في معرض مقالته الأدبية: إننا نرى كل شيء إلا الإنسان..
من نظرتي الخاصة أعتبر ما ورد في مقالة الكاتب، نقدا لاذعا لنظرة الإنسان الأناني الجشع، الذي لايرى غير نفسه على حساب تشييء الآخر وسلب إنسانيته وحقوقه في الوجود والحياة الكريمة.. وهو أيضا سؤال موجه للعقل المغربي والمغاربي في شمال إفريقيا التي مازلت تمارس العبودية والحيف والاحتيال وامتصاص دماء الشعب في صناعة الفشل والتخلف والانحطاط، صناعة جيوش من الهمج والبلطجة والمجهلين وقوارب الموت البشعة.
وما وُثّق من التعذيب في مغرب القرن 20 و 21 بأبشع الأساليب الجهنمية منذ عقود عهدالرصاص في الموجات الإشتراكية وما قبلها وما بعدها، التي لم تُخفى على أحد من اغتصاب النساء والرجال إلى احتقار الإنسانية في هذا الوطن بتعذيب الناس بالقنينات في السجون السرية، كأفلام خيال الرعب، لم تخلق إلا مجتمعا لا يعرف شيئا غير الهمجية والعنف والكراهية والخوف والنفاق و"الحكرة" ولا يفهم غير لغة العنف وهي اللغة التي يحترمها الجميع في بلاد مغرب الانحطاط واحتقار الإنسان..
مصادر :
* مقالة الكاتب جورج أوريل بالإنجليزية:
http://www.george-orwell.org/Marrakech/0.html
*مقالتي على موقع لكم:
http://lakome2.com/politique/maroc/36325.html
*على موقع الحوار المتمدن:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=592592
______________________________________________
محاور:
* نعم_إنها_الحقيقة_مون_كماراد
* نعم_إنها_الحقيقة_يا_صديقي
* شمال إفريقيا *المغرب *دول الجنوب * التفقير * مناهضة الاستبداد والتسلط *مناهضة إهانة القيم الإنسانية.
I’m_a_humanist_i’m_free *
______________________________________________
*ملحق:
طالع تدوينة تحت عنوان "فكّر بغيرك لمحمود درويش":
http://md-boualam-issamy.blogspot.com/2012/03/blog-post_13.html
المغرب في عيونهم: عودة إلى مغرب جورج أورويل عام 1939.. المغربي مازال يحيا حقيرا ويموت حقيرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
كل منا يسعى بدون حواجز أن يكتب ويقول ما يشاء.
في تعليقك هنا اكتب ما شئت وعبّر عما شئت.. واعلم أن كلماتك تعبر بشكل أو بآخر عما لديك في ضميرك وعقلك وقلبك..
إذ تقول الحكمة القديمة: تكلم حتى أراك!
مرحبا..