simo.boualam@gmail.com

هذا المدون أصبح (Agnostic) "لا أدرياني/لا أدري" أو ربما ملحد، ولكنه سيحيا إنسانيا وحرا مؤمنا بروح الحرية، مطالبا بالعدالة ورفع صناعة الحقارة عن الشعب المغربي المهضوم في حقوقه الاقتصادية والديمقراطية والإنسانية، سيحيا هذا المدون محبا لشعوب العالم، ومطالبا بدعم شعوب عالم الجنوب تحت مكينة الأنظمة غير الحرة، وانعتاق أطفال العالم نحو أجيال جديدة لا تعرف العبودية والقمع ولا العنصرية ولا الرجعية ولا الكراهية.. هذا المدون يحترم كل الأديان ويراها أفضل ومنسجمة مع القيم الإنسانية إلا تحت المبدأ العلماني الديمقراطي الحداثي فقط، هذا المدون يرتقي عن الصراعات الدينية والطائفية أو العرقية المضرة بروح الإنسانية. مدون وناشط حقوقي بسيط داعم لمنظمات المجتمع المدني المستقلة والحرة الديمقراطية الإنسانية، يؤمن بالعمل الحقوقي للمجتمع المدني المستقل عن الحكومات. الآراء الواردة في هذه المدونة هي شخصية و نسبية وكرونولوجية خاصة بي فقط وبتطور أسلوبي النقدي وأفكاري وآرائي ونظرتي للأشياء ، وهي آراء قد تكون آنية ونسبية وظرفية ولا تلزم أية جهة.

عدد زوار المدونة

الأربعاء، 19 ديسمبر 2018

صحافة القمل وتحولات الأقلام في منظومة الريع : نموذج رشيد نيني في المغرب

كنت كتبت قسم النقد في مقالة صحفي مغربي اسمه رشيد نيني على ويكيبيديا الموسوعة الحرة، الذي أصبح  أحد رموز "التحولات" السلبية، من الأقلام النحاسية إلى أقلام هشة رديئة، نخرها الصدأ والرداءة من حيث القيمة الجوهرية.

وبعد تعرض ذلك القسم للتخريب، رغم توفري على صلاحية مسترجع ومراجع تساعدني على إمكانية حماية المقالة من التخريب والتعديلات المفبركة، إلا أن ضيق الوقت لا يسمح لي بتتبع وحماية المقالات التي عدلت فيها أو أنشأتها أو طورتها في أوقات مختلفة من بعض المخربين، مما سيضطرني  لنقل ذلك القسم  النقدي على بعض مدوناتي وعلى مواقع إعلامية مرموقة ذات وزن ثقافي وفكري ومصداقية، لحماية صوت الحرية أولا ثم حماية  الجزء الذي تم تخريبه وطمسه وتعديله بطريقة باهتة ركيكة من حيث الجوهر والمعنى، ومن حيث الشكل العام أيضا، حيث يقوم بتعديل قسم النقد  الذباب الإلكتروني بحسابات دمى، بأسلوب وطريقة رديئة، تخدم عقلية العتمة والإرهاب والريع والديكتاتورية، ولكن التشبث بحق حرية التعبير، هو من الطبيعة الحرة في الإنسان العاقل، وضرورة محاربة صحافة القمل التي تغتني وتتموقع على حساب مأساة شعب الموروس المضطهد والمُفقّر والمجهل.

لذلك استعدت كمدون حرّ وبسيط، القسم النقدي الذي خربه عملاء من الذباب الإلكتروني، وحفظتها على الشكل التالي في مواقع متعددة، أولها على مدونتي التي لم أدون فيها  بشكل نشيط منذ سنوات خلت، لأن أعداء الحرية والفكر الحر بإمكانهم المغافلة أو القمع ومحاولات التعتيم الممنهجة والمدفوعة، ولكن لن يستطيعوا  حبس الأجنحة بأسوار العبودية والعتمة، لأن أجنحة الفكر الحر تطير وتحلق ولا تُحاصَر، ما دامت العقول والقلوب والضمائر حية، تؤمن بمبدأ الحرية والإنسان أوّلا 
Human & freedom first 

وإليكم  قسم النقد الذي خربه أكثر من مرة  الذباب الإلكتروني في مقالة صاحب عمود "شوف تشوف" الذي كان من أشهر الأعمال الصحفية  على الساحة الإعلامية المغربية والصحافة الورقية في وقت ما ومرحلة وجيزة سابقا ولكنها تركت بصمة في كرونولوجيا تطور الصحافة المفربية:

بعد خروجه من السجن محكوما بسنة واحدة، ليست بالطويلة على "صاحب العمود"  بالمقارنة مع قضية سجن حرية ومستقبل شعب ووطن، ذلك العمود الذهبي، الذي تحول إلى صدأ رديء ومتناثر بفعل فاعل،  بعدما جُلد وصُلب  صاحبنا على عمود سجن عكاشة، وهو السجن الذي يقبع فيه الآن المعتقل السياسي ناصر الزفزافي أحد نشطاء حراك الريف وقبله المغني معاذ الحاقد والعديد من سجناء الرأي،  قرر صاحب العمود بعد الخروج من السجن كرمز للصحافة المستقلة (إلى حد ما، في حدود الإنارة المتاحة آنذاك)، أن يرحل لمدة وجيزة إلى إسبانيا، ثم عاد للمغرب حيث قضى بعدها سنة بيضاء بعيدا عن ميدان الصحافة، ليقرر تأسيس جريدة الأخبار المغربية، ويَشغل مدير تحريرها ومالكها في نفس الوقت. 

إلا أن الخط الصحفي المستقل الذي عُرف به في بداياته مع جريدتي الصباح والمساء في مشروعه الجديد، لم يعد يبدو واضح المعالم منذ البداية في نهجه الجديد، وفي العمود الذي اشتهر به تحت عنوان "شوف تشوف" بالضبط، الذي كان يعرف شهرة واحتراما في صفوف الطلبة والموظفين والفئات المثقفة والمعارضة قبل فترة الربيع الديمقراطي، عندما كان ينتقد بطريقة فريدة أشكال الفساد الإداري والريع واستغلال ثروة الشعب وهضم الحقوق وغياب المحاسبة والمراقبة،  بطريقة نقدية كانت  تأخذ المد والجزر والمناورة..

إلا أن خطه التحريري لم يستطع التطور ومواكبة رياح التغيير في الربيع الديمقراطي، وما حملته من ارتجاجات في العقليات وعدم مواكبته لمؤشر الحرية والتحرر في العقليات، والتحول الحاصل في طريقة فرض حرية التعبير كأمر واقع لا مناص عنه في القرن 21، وممارسة الحرية فكرا وتعبيرا وأسلوبا لدى النشطاء والكتاب والمدونين  المعارضين للسياسات الظالمة اللاديمقراطية الهدامة والمخربة، أولائك الذين يرفضون الوضع القائم الموروث، ويصفونه بالفاسد  والمتسلط والريعي الهدام، غير العادل وغير البناء، وضع وميكانيزمات أكل عليها الزمن وشرب ولم تعد تصلح حتى في جزر الوقواق الخيالية الخالية من الإنسان العاقل "الهوموسابيينس".

وقد توقف المنحى الصحفي النقدي والتحليلي في أسلوب رشيد نيني وافتقد لخاصية التطور والتجديد، وظل محدودا إلى أن أصابه العجز والركود والركوع أمام دعاة  التردي والتخلف والقبضات الحديدية الهدامة في صناعة الرداءة والصدأ، بل ما لبث أن طبّع مع الأوضاع القائمة، التي تجري مجرى المرض والطفيليات في الشعب المغربي وتُعيق رفاهيته وتقدمه من كل الزوايا والجهات، الأمر الذي فتح أقلاما وأصواتا أخرى كثيرة ومتعددة المشارب الثقافية، بين مغاربة الداخل أو مغاربة الشتات لملأ الفراغات لكي لا تسيطر الثقوب السوداء على الفكر الحر، أمام انعدام صحافة رسمية وأحزاب رسمية تمثل المعارضة الحقيقية على الميدان الرسمي في ميكانيزماتها المتعارف عليها دوليا وعالميا كما هو الحال لدى جيراننا الأوروبيين كالإسبان والبرتغاليين.

 وإن شكّل قلمه طفرة إلى حد ما في الصحافة المغربية الورقية بمعية صحفيين بارزين كعلي المرابط وخالد  الجامعي في ميدان الصحافة من داخل المغرب، إلاّ أن قلم رشيد نيني كظاهرة صحفية سابقة بقي محدودا، مقارنة مع التطور الذي رسخه مجموعة من الأقلام الحرة كعلي المرابط وأنوزلا وخالد الجامعي الأب والإبن وطبعا الكثير من المدونين في الشتات والداخل خارج العناوين الرسمية من الذين يسعون إلى  حمل مشعل الصحافة الحرة والرأي الحر، كل بطريقته وأسلوبه الخاص.. وإن كانت القائمة على المستوى الصحافة الرسمية   محدودة حدا ممن يمثلون المهنية الحرة  والمستقلة ذات خط نقدي معارض، لأن الصحافة الحرة جزء لا يتجزأ من الحياة الديمقراطية والثقافية والاجتماعبة والسياسية، هي تلعب دور المرآة، والتعتيم عليها لا يساعد على إدراك حقيقة  الأمور كما هي في الواقع وتشريحها للرأي العام ووضع الأصبع في حجر الزاوية والإشارة بكل حرية لمكمن الخلل.

 ولم يرقى رشيد نيني إلى مستوى مواكبة التطور الحاصل في الطفرة الإعلامية، التي أتاحتها التكنولوجيا الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والانفتاح على العالم الخارجي  وتطور العقل الإلكتروني وزحف تسونامي العولمة في مناهضة التقليدي الرديء المتسلط والديكتاتوري، حيث ارتقى المواطن المثقل بأفكار الماضي المنبو والرديء، من حالة الاستهلاك الإعلامي السلبي والإجباري إلى مستوى التفاعل والتحليل والإنتاج، من خلال خاصيات حرية الاختيار والمشاهدة وتوفر الإعلام البديل متعدد الأقطاب وإمكانية النقد والتدوين والمناقشة ومشاركة الرأي والرأيً الآخر والدعم ونقد النقدي ومعارضة المعارض.. 

وما حملته الطفرة التكنولوجية من ارتجاجات قوية لدى العقل في شمال إفريقيا والشام، كجزء من عالم اليوم (القرية الصغيرة)، حيث تبقى هذه المناطق والدول عامة في منطقتي شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إحدى أسوء مناطق العالم التي مازالت تعاني من حالة فريدة من إشكالية التسلط والقمع والتخلف الديمقراطي والفكري والعلمي والتعليمي، وما يتولد عنها من انتشار ثقافة العنف والهمجية.. التي قد تصل أحيانا إلى درجة العبودية والإرهاب.

وقد يُرجع بعض النقاد أسباب هذا التحول في قلم رشيد نيني إلى مراكمته لثروة بعد خروجه من السجن، وتفضيله السعي إلى الاغتناء وتطوير الجانب المادي الخاص، وبناء شبكة علاقات مع الريع المرتبط  أيضا بالميدان الإعلامي، وهو الميدان  الذي تحاربه الديكتاتوريات وتريده مجرد إعلام تسويقي رديء في خدمة مصالح غرورها المنتفخ والضيق الأفق والهدام والطفيلي على حساب  الأمة وحقوق الشعب، الأمر الذي يعيق  تطور الشعب من حيث الرفاهية المادية والمعنوية والحقوقية والحضارية والمدنية.. غرور أوليغارشي هدام الفكر والتعليم والديمقراطية هدام للشعوب والحريات العامة وحقوق الإنسان وناهب للثروة وصناعة الثروة وتطوير وتوسيع الثروة الذاتية في خدمة رفاهية الأمة وتطورها جيلا بعد جيل.

إن اختيار النخب المغربية  للجانب المادي في ظل الأوضاع المتردية على حساب قيمة الجانب المبدئي والإنساني والقيمة المعنوية والفكرية، هو إعادة إنتاج الرديء في ميزان تنعدم فيه الحريات والديمقراطية التي تخول للمجتمعات والشعوب أن تحيا حرة بخاصية التطور المطّرد ليكون لها فعل تاريخي في مشعل الحضارة الكونية  والأنوار من إنتاج فكري وعلمي وأدبي وتكنولوجي وفني.. 

إن الريع الاقتصادي والسياسي والإعلامي وغياب ميكانيزما ديمقراطية قوية ومتينة تمنع كل سبل التغيير البناء، كعامل حاسم وفاصل لتطور الشعوب والأوطان ومعالجة مكامن الخلل التي تنتج الخراب والتخلف والمظاهر الرجعية القرنوسطية، للخروج من دائرة ومتاهة دهاليز الظلامية والاستعباد.

وهي الحفرة والفخ الذي سقطت فيها شعوب منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تلك التي تحجز مقعدا في الجامعة العربية التي تجمع كل أنواع التخلف والانحطاط والفوضى والعتمة كل ما يهمهم أن يمشي القائد الهمام بالطاغوت والغرور مشية الطاووس الذي ينفش الريش وينفخ الخطى في أحلام جنون العظمة يجر لوحده مؤخرة الوطن العارية خلفه يهرول وراءه المرتزقة الخفافيش الظلامية.. وشعب  يرزخ بشكل درامي مأساوي  تحت العتمة وكل أنواع التفقير والتجهيل والتعتيم والحكرة والبطش والنهب، ليكون متخلفا بكل المقاييس، الكثير من شبابه لا يحترم حتى ثقافة الطابور ولا يحسن حتى ركوب الباصات  أو السير باحترام في الطرقات ولا يحترم ثقافة الطابور وأسبقية المرأة والطفل والرجل العجوز في الممرات والطرقات...

مكينة تصنع التخلف وتريد لهذا الشعب الجهل واالتخلف والفوبيا مقابل نسر واستبقاء فوبيا الأنوار وزرع القهر والمهالك، في ظروف سياسية اقتصادية تاريخية ثقافية اجتماعية.. بعضها محلي وبعضها إقليمي وبعضها يمتد إلى خيوط  دولية استعمارية.  إنها حالة سياسية-نفسية رديئة جدا، استطاعت دولة كجنوب إفريقيا من تجاوزها بفضل نخب سياسية وطنية حرة ومثقفة أهمها الشخصية الإفريقية العالمية "نيلسون مانديلا".

وتلك القيمة المعنوية في الفعل الإصلاحي والتنويري هي التي تفتقدها النخب المثقفة والنخب الإعلامية والسياسية الغارقة في الريع والتنفع الخفاشي، تفتقدها في الحَلَقة الأخيرة كقيمة القيم المعنوية والجوهرية، مقابل القيمة المادية الريعية في غياب إحكام الديمقراطية والقانون البناء الذي يكون فوق الجميع.

وقد اختار رشيد نيني أسلوب التطبيع مع الفساد والركوع لقبضة الاحتكار والتحكم الأوليغارشية، بخلاف صحفيين مغاربةّ من صحافة الداخل على أقليتهم الذين يعدّون على رؤوس الأصابع، دخلوا التاريخ التنويري المغربي من بوابة الإعلام والصحافة من خلال ممارسة صحافة نقدية بناءة تنويرية تنقل الحقيقة كما هي تنتقدها بلا هوادة وتحلل الخلفيات والكَولَسة وتشير إلى مكامن الخلل وتوضح المستور المفبرك.. مع صعوبة ممارسة قيم الحرية من  الداخل المغربي، ولكن تبقى هناك دائما شموع وشماعات في كل الظروف والأحوال، نذكر من بينهم حميد المهداوي المسجون إلى حدود كتابة هذه السطور وعلي المرابط المحكوم سابقا بمنعه من الكتابة في الصحافة الرسمية وبوبكر الجامعي.. وكءلك الكثير من المدوّنين وكتاب الرأي الحرّ على مستوى الشتات، أو في الداخل، وغيرهم من  المعرضين لأخطار التضييق والتحريض والحصار والتعتيم والملاحقة والسجن في أحيان كثيرة.

باختصار شديد: إذا لم يستطع قلمك وضع بعض اللبنات في تشييد مصابيح الأنوار وتدوين نبرات على بوصلة الحرية وتلك الأنوار التي دونتها أقلام وأصوات ومواقف كالشموع، نقلت الأوروبيين من عصر الظلمات إلى عصر الأنوار..

إذا لم يستطع قلمك أن يكون نحاسيا كشمعدان المصابيح والفكر الحر والفكر النقدي التحرري ضد صناع العتمة والتخلف  وفوبيا الأنوار وطواغيت الجمر.. فمن الأفضل أن تضع ذلك القلم جانبا وتبتعد عن ميدان الصحافة.. لأنه ميدان ولد ونشأ ليكون حرّا هو بدور المرآة في الأوطان الحرة ليرينا وجوهنا كما هي في المرآة يرينا بشاعتنا الحقيقية، ولتتم الرؤية نحتاج للنور.. للنور كي تكتمل الرؤية وندرك الحقائق الخفية ونشير ونفهم مكامن الخلل.

سنة 2019 سعيدة، وكل عام وأنتم و أنتن أحرار.
نعم إنها الحقيقة مون كماراد

المدون 
محمد بوعلام عصامي


  
;